سلامة كيلة : رسالة إلى الأحزاب اليسارية في العالم (من أجل عقد مؤتمر خاص بدعم الثورة السورية)

سورية تعيش ثورة منذ عام ونصف، تداخلت فيها كل العوامل الدولية، لكنها ظلت ثورة شعب يريد الحرية والعدالة الاجتماعية، يريد أن يحقق التطور والديمقراطية في عالم تنهبه الإمبريالية، وتفرض عليه تكوينات اقتصادية تخدم الطغم المالية الإمبريالية وتنهك الشعوب عبر النهب الذي يؤسس لحالة من الإفقار الشديد.

لقد تمرّد الشعب على الفقر والتهميش والاستبداد الطويل، وخاض اقوى ثورة متحدياً القتل والتدمير بكل أنواع الأسلحة التي يمتلكها الجيش، ومتحدياً كل اساليب القمع والاعتقال والتعذيب، ولازال يقاتل من أجل الخبز والحرية والكرامة.

لكنه يعاني من الانكار وسوء الفهم من قبل كثير من أطراف اليسار في العالم، بالضبط نتيجة سوء الفهم الناتج، من جهة، عن التغاضي عن الوضع الاقتصادي الذي فرضته السلطة الحاكمة خلال العقد الأخير خصوصاً، والمتمثل في تعميم اللبرلة بشكلها الجديد الذي يقوم على تركيز النشاط الاقتصادي في قطاعات الخدمات والسياحة والعقار والاستيراد والمال، في ترابط مع النمط الرأسمالي بشكل أو بآخر، والذي أفضى إلى تدمير القطاع المنتج في الصناعة والزراعة، وتمركز المال بيد فئة ضئيلة تمت بصلة للعائلة الحاكمة، وأنتج كتلة كبيرة من المفقرين والعاطلين عن العمل والمهمشين. والناتج من جهة أخر عن النظر إلى اصطفاف السلطة السورية في التحالفات العالمية نتيجة الميل الإمبريالي الأميركي إلى تحقيق تغيير يكمل ما بدأته في العراق، الأمر الذي فرض على السلطة السورية أن تعزز التحالف مع إيران بعقد اتفاق إستراتيجي، ومع تركيا بعقد اتفاق إستراتيجي كذلك، وأن تبدو أنها في « محور ممانع » لا يقبل الشروط الأميركية. وبالتالي نُظر لها كدولة « معادية للإمبريالية » بينما كان الوضع الاقتصادي الداخلي يسير نحو الترابط مع التكوين الإمبريالي العالمي وإنْ من مداخل أخرى غير المدخل الإمبريالي الأميركي.

ولأن الثورة السورية هي جزء من عملية كبيرة تتعلق بتفاقم الصراع الطبقي العالمي على ضوء الأزمة العميقة والمستمرة، وربما المميتة، التي دخلتها الإمبريالية سنة 2008، فلا بد من أن تكون في صلب اهتمام اليسار في كل بلدان العالم، ومسألة يجري العمل على دعمها بكل الوسائل الممكنة، وتقديم كل ما يجعلها تنتصر على سلطة رأسمالية مافياوية تتسم بالتسلط الاستبدادي البشع.

هذا الأمر يدفعنا إلى الدعوة إلى لقاء لكل يساريي العالم من أجل تحقيق هذا الغرض، والتفكير في أفضل السبل لكي يقوم اليسار بدوره الحقيقي في مواجهة الخطاب الكاذب للنظم الإمبريالية الغربية التي تدعي دعم الثورة وهي في الواقع تعمل على تحقيق مصالحها الإمبريالية، ولهذا تعلي الصوت « المؤيد » وتعمل على ما يؤدي إلى إطالة أمد الثورة، وتميل إلى دعم قوى أصولية رغم الادعاء بدعم الحرية والديمقراطية. وبالتالي في مواجهة التشويه الذي تتعرض له الثورة نتيجة هذا الخطاب الزائف. وأيضاً من أجل تدعيم ترابط الشعوب وتحافل قواها المعادية للإمبريالية في سياق تاسيس عالم إنساني وعادل ويسمح بتحقيق التطور في كل أرجائه.

لقد ظهر للشعب السوري وكأن النظم الرأسمالية الإمبريالية هي التي تقف إلى جانبه رغم اللوعة التي عاناها مع بقية الشعوب في الوطن العربي من السياسات الإمبريالية ومن دعم الدولة الصهيونية ودعم كل سياساتها الهمجية. وهذا أمر مؤسف لأنه يمد يد التحالف مع كل شعوب العالم ضد نظمها الرأسمالية، وينتظر من كل أحزاب اليسار أن تكون إلى جانبه كما كان في الماضي.

إننا ضد كل تدخل إمبريالي في سورية، ضد المراهنة على السياسات الإمبريالية، ونعتبر بأن الشعب السوري قادر على أن ينتصر بقواه، وأيضاً بدعم قوى اليسار له. وإذا كان هذا الشعب يعرف نفاق الدول الإمبريالية فإنه لم يلمس هذا الدعم بعد من قوى اليسار والشعوب في الدول الإمبريالية وفي العالم، التي ربما وقعت تحت وطأة التخوّف من التدخل الإمبريالي فتركت حكوماتها الرجعية تذرف الدمع على القتلى في خطاب منافق لا يهدف سوى إلى تدمير الثورة وتفتيت سورية البلد والتاريخ والحضارة. ولم تلحظ بأن الدعم الإمبريالي هو من أجل اجهاض الثورة. ولقد تخوفت من الأصولية ولم تقدم الدعم لقوى اليسار لكي تصبح هي القوة الأهم في الصراع، خصوصاً وأن مطالب الشعب ستدفعه إلى اليسار، لأنه وحده الذي يحمل الحلول لها.

لهذا نعتقد بأن عليها، وهي تقف بقوة ضد كل تدخل إمبريالي، وترفض سياسات أحزاب المعارضة السورية التي تراهن على التدخل الإمبريالي، عليها أن تقف بقوة إلى جانب الشعب السوري في صراعه من أجل الحرية والعدالة الاجتماعية، وأن تدعم كل القوى التي تحمل هذا المشروع، الذي هو في الواقع معادٍ للإمبريالية، ورافضٍ لكل تدخل إمبريالي. وأيضاً يؤسس لكي يفرض الشعب سلطته الوطنية والعلمانية والتي تحقق مصالحه وليس مصالح حفنة من الرأسماليين أو الإمبرياليين.

عليها أن تعبّر وبكل قوة عن موقفها الداعم للثورة، ونحن معها نخوض كل أشكال الصراع ضد من يدعو إلى التدخل الإمبريالي والى الأصولية، من أجل أن ينتصر الشعب ويفرض النظام الذي يحقق مطالبه هو.

الشعب السوري يريد تضامن شعوب العالم معه ولا يريد الإمبرياليين الذين يعرف أنهم ضده، ويعملون على تدمير مجتمعه ونهبه. واليسار السوري يريد كل الدعم والتأييد لكي يطوّر دوره ويصبح قادراً على مواجهة كل الميول التي تدعو للتدخل الإمبريالي أو للنزعات الأصولية، ويكون قادراً على أن يعزز مواقعه في الصراع المحلي والعالمي.

وانطلاقاً من كل ذلك نعتقد بأن علينا أن نلتقي لكي نضع إستراتيجية واضحة تؤكد على دعم الثورة في سورية، وتحدد الخطوات التي يجب أن نقوم بها في هذا السياق. سواء تعلق الأمر في فضح سياسات نظمنا أو في دعم كل اشكال الحراك الذي يشير إلى هذا الدعم، أو تقديم الدعم المادي الممكن، في إطار أعم يتعلق بدعم كل الثورات العربية، وكل الثورات التي يمكن أن تنهض في العالم.

الآن، علينا دعم الثورة السورية وهي تواجه اشد النظم بربرية، لكي تحقق انتصارها المحتم.

ولهذا جرت المبادرة إلى الدعوة لعقد مؤتمر بهذا الخصوص في أيطاليا في ……..

( أو ولهذا نقترح أن يعقد مؤتمر لهذا الغرض في أيطاليا في …… )

 

سلامة كيلة : Salame Kialeh, militant marxiste palestinien de Syrie

 

Cet article a été publié dans badil tawri. Ajoutez ce permalien à vos favoris.

Un commentaire pour سلامة كيلة : رسالة إلى الأحزاب اليسارية في العالم (من أجل عقد مؤتمر خاص بدعم الثورة السورية)

  1. Ping : رسالة إلى الأحزاب اليسارية في العالم (من أجل عقد مؤتمر خاص بدعم الثورة السورية) | سلامة كيلة

Laisser un commentaire